لا نقبل العزاء!
شعر: مصطفى عراقي
(1)
معذرة يا أيها المشيِّعونَ القادمونَ فى ملابس الحدادْ !
معذرةً يا أيُّها الآتونَ من قصور ألفِ ليلةٍ على الجيادْ!
لكيْ يشاطروا الخيامَ حوْلنا أحزانَها بالقوْل والغناءْ!
معذرةً يا أيُّها المجاملونَ في الشَّقاءْ!
فإننا لن نستضيفَ حشدَكم هذا المســــاءْ ؛
لأننا لا نقبلُ العزاءْ.
لا نقبلَ العزاء قبلَ الثأرِ للأطفالِ والشيوخِ والنساءْ.
ولن نقيم حفلة التوديـــــعْ…،
للنَّـوْحِ والدمــــوعْ ...،
لن نشْعلَ البَخورَ والشُّموعْ ...،
لن نقفَ الحدادَ ههنا دقيقةً ولا دقيقتـــيْن...،
لنْ نرْتدي السوادَ كيْ نصطفَّ في صفَّيْن...،
نرد كل كلْمة مبهمة بكلمتيْن...،
وكلَّ دمْعةٍ مهيضة بدمعتــيْن
من قبل أن يكون من عدوِّنا لنا :
عيْـنٌ بعيْنْ
سـنٌّ بسنٍّ ،
والدمَاءُ بالدماءْ .
(2)
معذرةً لكلِّ من يجيد فنَّ الحزنِ والرِّثاءْ!
لكل من يريد أن نظلَّ هائمين في طلولِ كرْبلاءْ !
لكل هذه القصائد الحزينةِ التي تفيض بالبــــكـاءْ ؛
لكيْ تزيحَ عن صدورها مرارةَ العناءْ !
معذرة للخطبة العصماءْ ،
والخطبةِ البتراءْ !
تغوصُ فى حلوقنا كالطعنة النجلاء ْ!
وهل نقيم فوق أشلاء الضحايـــــا ههنا سرادقَ العزاءْ؟
ومن ترى يصفُّ ههنا الأرائك الوثيرهْ؟
ويسمع المواعظَ المثيرهْ؟
يُصافحُ الآتينَ فى انحناء؟!
(3)
لن نقبلَ العزاءَ ههنا ،
ونحن جولةٌ في لعبة الأممْ ،
وفقرةٌ في طارئ القِممْ ،
وقصةٌ من قصص الشقاءْ .
(4)
لن نقبل العزاء قبل أن نزيح عن طريقنا الأذى… ،
وقبل أن نعيدَ للزهورِ في ربوعنا الشذا… ،
وقبل أن نعيدَ للضِّياء روعة الضياء!
(5)
هل تقبل العزاءَ وردةٌ غريقةٌ تحوطها الدماء ؟
هل تقبل العزاء هذه الدماء ؟
-------