فراسة
جلس الخليفة العباسى المستنصر بالله يراقب العمال الذين يبنون قصره الجديد فرأى من بينهم غلامى أسود الخلقة شديد المرح يصعد السلم درجتين درجتين ويحمل ضعف ما يحمله العمال الاخرون لأبن حمدون وكان حاضرا :
أى شئ يقع لك فى إمرأة فقال :
ربما كان لاعيال له فهو خالى القلب فقال الخليفة :
ويحك . قد خمنت فى أمره تخمينآ ما أحسبه باطلآ إما أن يكون معه دنانير قد ظفر بها من غير وجهها أو يكون لصآ
يتستر بالعمل فى البناء فعارضه ابن حمدون فى تخمينه فقال الخليفة :
هاتوا الشاب ثم أمر بضربه مائه مقرعه ثم قرره وأخبره إن لم يصدقه سيضرب عنقه ثم أمر بإحضار السيف والنطع فقال الشاب ولى الأمان ؟ فقال الخليفة :
لك الأمان إلا ما يجب عليك فيه من حد فلم يفهم الشاب ما قاله الخليفة وظن أنه قد أمنه فقال :
كنت اعمل فى أتون ( فرن ) لصنع الآجر ( الطوب) وكنت منذ شهر جالسآ فمربى رجل قد شد على وسطه كيس نقود فتتبعه حتى إذا جلسوهو لا يعلم مكانى حل الكيس الذى يربطه على وسطه وأخذ منه دينارآ فتأملته فإذا هو قد إمتلآ بالدنانير فأسرعت إليه وكتفته وسددت فمه وأخذت الكيس وحملت الرجل على كتفى وطرحته فى نقره ووضعتعليه الطين وبعد ذلك أخرجت عظامة فرميت بها فى نهر دجله والدنانير يقوى بها قلبى فأمر الخليفة أحد رجاله بإحضار الدنانير من منزله وتامل الكيس فوجده مكتوبآ عليه ( لفلان ابن فلان ) فنودى فى البلده باسمه فجاءت إمرأة وقالت : هذا زوجى ولى منه هذا الطفل وخرج فى وقت كذا ومعه كيس نقود فيه ألف دينار وغاب إلى الآن فسلم الخليفة إليها الدنانير وأمرها أن تعتد لوفاه زوجها ثم أمر بضرب عنق الشاب وحمل جثته إلى الأتون .